عزيزي فريد،
يفصلني عن عامي الثاني والعشرين بضع سويعات قليلة، أنظر إلى ما قدمت يداي في هذه الأعوام الماضية فأجد هراء وأيام مهدرة.
أتوقع ردك آتيا بحكمتك المعهودة مهونًا عليَّ هذه الكآبة المسيطرة قائلًا أن الحياة ماهي إلا مسيرة ورحلة ومنها نتعلم ولا يمكن بالقطع وصف الاعوام الماضية بالاوقات المهدرة بل إن كل لحظة كانت اساسية مساهمة في عملية تكويني واتزاني.
ستسارع قائلًا بأن حياة المرء لا يمكن فقط ان تكون سلسلة من الإنجازات الضخمة عالية الصوت،
مناديا إياي بيا عزيزتي ستستطرد موضحًا أن انجاز إكتشاف النفس وخباياها والإرتياح معها والاستئناس بها في هذا الوقت هو الإنجاز الأكبر.
ستؤكد لي أن الانجازات الاخرى الكبيرة لها اهميتها مصرًا على ألا يجب التقليل من أهميتها موضحا بهدوء وحكمة ألا داعي لاستعجالها فهي آتية لامحالة من شخصي, معظمًا من قدري الصغير المتواضع، مثنيًا على خطواتي متناهية الصغر.
ايام قليلة تفصلني عن هذا اليوم، يوم كغيره من الايام، فلن يتوقف العالم من أجلي، كما لم يتوقف من أجلك وقتما رحلت...
تتسارع في ذهني الافكار والجمل مسببة حالة من الجمود والتبلد والكآبة.
في بداية الأمر لم افهم ما السبب لكن مع دراسة هذه الحالة وتحديد وقتها من كل عام ادركت انها متلازمة ما قبل يوم الميلاد.
اُحدث هذا وذاك يا فريد فينصحني احدهم ويهدئني آخر وتحتضنني أعزهم حضن يسع أفكاري الكئيبة ويُنصت إليَّ أكثرهم تفضيلا في احلك لحظات الليل.
اراك يا فريد في تفاصيل صغيرة: رسائل بريدية طويلة، نقد لأفلام وحكايا عن الأيام وأرسل سلامي لهذا الجزء الذي اخذته معك يوم رحلت، راضية بالأقدار الكونية متفهمة لأفعالها...
إلا اني افتقد روحك وتشجيعك وجرأتك التي كنت استمد منها الكثير دون أن تدري أنت.
إلا اني افتقد روحك وتشجيعك وجرأتك التي كنت استمد منها الكثير دون أن تدري أنت.
إلى أن ألقاك في العالم الآخر، أرسل إليك عزيزي الكثير من المودة والإمتنان لوجودك ولو لبضع سنين في حياتي القصيرة، شاكرة لكل الأحاديث والرسائل والدفعات الطيبة.
دامت ذكراك يا عزيز.
مودتي،
غيداء قطب
دامت ذكراك يا عزيز.
مودتي،
غيداء قطب
No comments:
Post a Comment